تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مفوض حقوق الإنسان يؤكد ضرورة وضع حد للفظائع والإفلات من العقاب في ميانمار

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك إن النظام الذي فرضته القيادة العسكرية في ميانمار منذ الانقلاب "بدد تفاؤل الشعب بتحقيق السلام والديمقراطية ومستقبل أكثر ازدهارا".

وخلال حوار تفاعلي في مجلس حقوق الإنسان، قال السيد تورك إن ميانمار تواصل "هبوطها المميت نحو براثن العنف العنف والأسى"، حيث يعتمد الجيش على تكتيكات ممنهجة من السيطرة والتخويف والإرهاب فيما يتحمل المدنيون العبء المدمر لهذا العنف البشع. 

بحسب مصادر موثوقة، لقي 3,747 شخصا مصرعهم على أيدي الجيش منذ توليه السلطة قبل عامين ونصف، كما تم اعتقال 2,3747 شخصا. 

وقال المفوض السامي إن هذه الأرقام تمثل الحد الأدنى الذي يمكن توثيقه والتحقق منه، إلا أنه من المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.

بالإضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي واستغلال الموارد الطبيعية وإسكات الأصوات المعارضة، واصل الجيش هجماته العشوائية ضد المدنيين، بما في ذلك من خلال الضربات الجوية والقصف المدفعي.

وفي هذا الصدد، قال السيد التورك إن الاستراتيجية الرباعية التي يتبعها الجيش تستمر في إحداث الدمار بشكل يومي، وأضاف: "يتم تجريف وإحراق قرى بأكملها، ومعاقبة المدنيين بشكل جماعي، من خلال حرمانهم من المأوى والطعام والماء والمساعدات المنقذة للحياة".

وأضاف المفوض السامي أن مكتبه يواصل أيضاً توثيق انتهاكات وحشية متكررة، بما في ذلك العنف الجنسي، والقتل الجماعي، والإعدامات خارج نطاق القضاء، وقطع الرؤوس، وقطع الأعضاء، والتشويه. وقال إن هذا يشكل "تجاهلاً تاماً" لمبادئ حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي ويعبر عن "ازدراء تام للإنسانية".

قطع المساعدات بشكل ممنهج

قدم السيد ترك إلى مجلس حقوق الإنسان تقريراً يركز على سياسة حرمان المدنيين من المساعدات الإنسانية المنهجية التي يتبعها الجيش، معتبرا أنها "متعمدة ومستهدفة وتعتبر إنكاراً محسوبا للحقوق والحريات الأساسية لشرائح واسعة من السكان".

كما استنكر الهجمات المباشرة على العاملين في المجال الإنساني، مشيرا إلى أن المنظمات المحلية التي تقدم الغالبية العظمى من المساعدات الإنسانية، تواجه خطراً كبيراً خلال أدائها لمهامها، حيث قُتل ما يصل إلى 40 من العاملين الإنسانيين واعتقل أكثر من 200 آخرين منذ الانقلاب.

وأضاف السيد تورك قائلا: "باتت الحاجة إلى وصول المساعدات الإنسانية لجميع أنحاء ميانمار أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. أدعو الدول الأعضاء إلى تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في ميانمار وتوفير تمويل مباشر ومرن للمنظمات المحلية على الأرض التي تحاول جاهدة الوصول إلى الأشخاص المحتاجين".

طريق الخروج من الأزمة

شدد المفوض السامي على أن مسار الأزمة الحالية "يجب أن يرتكز على المساءلة" وحث مجلس الأمن على إحالة الوضع في ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية. 

كما ناشد جميع الدول وقف ومنع توريد الأسلحة للجيش واتخاذ تدابير هادفة للحد من وصول قادة الجيش إلى العملة الأجنبية ووقود الطائرات والوسائل الأخرى التي تمكن من شن هجمات على شعب ميانمار. 

وذكّر المجتمع الدولي ومجلس الأمن ورابطة دول جنوب شرق آسيا وجميع الدول الأعضاء التي لها نفوذ على االجيش المعروف باسم التاتماداو بمسؤوليتها لممارسة أقصى قدر من الضغط لإنهاء هذه الأزمة.

وأكد السيد تورك أن لاجئي الروهينجا في بنغلاديش – الذين بلغ عددهم مليون شخص - لا يمكنهم العودة إلا عندما توفر ظروف آمنة ومستدامة وكريمة، ويجب ألا تتم إلا باختيارهم المستنير والطوعي الحقيقي. 

لكنه أشار إلى أن هذه الظروف بعيدة المنال مع استمرار الجيش في ارتكاب الفظائع في ولاية راخين. كما شدد على أن الروهينجا، الذين ما زالوا محرومين من الجنسية، "هم جزء لا يتجزأ من شعب ميانمار ومستقبل البلاد".

ودعا المفوض السامي السلطات العسكرية إلى إطلاق سراح 19,377 سجينا سياسيا محتجزين في جميع أنحاء ميانمار، بمن فيهم الرئيس المخلوع وين مينت ومستشارة الدولة أونغ سان سوتشي.

وأعرب عن تضامنه مع شعب ميانمار الذي واجه عقودا من القمع والعزلة، إلا أنه لم يتوقف أبداً عن "تقديم تضحيات كبيرة من أجل مستقبل ديمقراطي".